البيت



البيت كلمة ليها معانى كتير جدًا أعمق من الموجودة فى معجم اللغة، الناس أول ما تسمع كلمة "بيت" بتفتكر أنه مجرد مكان بنام ونعيش فيه بس الحقيقة مش كدة، البيت يعنى الذكريات اللي بتخلينا ندمع، يعنى الدفى، يعنى الحنان والراحة والأمان، المكان اللي بترجعله بليل وترمى همومك على حيطانه، بتكون فيه على سجيتك و طبيعتك (أو على الأقل فى مكان خاص بيك فيه)، بتطلع فيه الوش الحقيقى لنفسك مش اللي بتطلعه للناس، وبتعترف فيه بالخبايا والأسرار اللي جواك قدام مرايتك اللي بترتاحلها. هو حتة منك وشبهك وبيعبر عنك وفى ناس بتبقى فاكرة أن راحة البيت فى وسعه أو مكانه أو موقعه بس ده لا يمت للواقع بصلة، البيت بريحته وروحه ونفس الناس اللي عايشة فيه، فى ناس بتخليك تكرهه وفى ناس بتخليك تحبه و متقدرش تسيبه مهما حصل، حتى لو كان مجرد أوضة وصالة. ياما ناس عايشين فى قصور مش دايقين طعم الراحة ولا حاسين بالأمان. للأسف أحنا دلوقتى بقينا فاقدين معنى الكلمة دى، معنى البيت والعيلة والاستقرار، مبقيناش نتكلم مع بعض ونحاول نفهم بعض زى الأول، كل واحد بقى فى ملكوته وبيدور على نفسه ومصلحته وبس، مش بنفكر فى غيرنا ولا بنحاول نوفرلهم الأمان، حقيقة قاسية مش كدة ؟

فى الفترة الأخيرة بقينا بنسمع عن شباب فى سن المراهقة بيأذوا نفسهم أو بيهربوا من بيتهم عشان فاقدين فيه الأمان والراحة ومحدش فاهمهم، كل اللي بيسمعوه ويشفوه هو صريخ وخناق ونقد وإهانة وساعات ضرب، بيطلعوا مش سويين ومش واثقين فى نفسهم، ده غير أنهم بيدوروا على الأمان والدفا والحنان برة، فى حتت تانية، خطر وبتوديهم فى داهية، وللأسف الأهل مبيفوقوش للي عملوه غير بعد فوات الأوان، للأسف إحنا مبقيناش نبني بيوت وأُسَر عشان نزرع فيها محبة ودفا واستقرار، إحنا بقينا بنزرعها قلق وخوف وتوتر وخناق ونكد ونظلم ناس ملهاش ذنب معانا، يا ريت قبل ما أى حد يبنى بيت وعيلة وأسرة يكون عارف أنه قادر يعمل كدة وهيحبهم ويراعيهم ويخاف عليهم وعلى مشاعرهم ويختار البني آدم الصح مش لمجرد أن هيفوته أو هيفتها القطر، يبقى مؤهل ومستعد أنه يربى مش لمجرد إنه أتجوز وخلف وخلاص وكدة بقى مستقر قدام المجتمع. الإنجاز مش فى خطوة الجواز والخلفة الإنجاز الحقيقى اللي يتوقف بيه قدام المجتمع هو نجاحهم واستقرارهم وده اللازم نفكر فيه قبل ما ناخد خطوة زى دي، طبعا دلوقتى الحياة بقت صعبة ومكلفة و كلها تحديات ومشاكل ومسئوليات غير زمان، بس نحاول إننا نفضى وقت ونسمع بعض وندي فرص تانية ونسامح ونفهم ونقدر، عشان منتصدمش ونجني أعقاب اللي عملناه فى الآخر ونقول يا ريتنا فى وقت مينفعش فيه الندم.