من المسؤول؟




هو شعور إذا اجتاحك فبمقدوره أن يغير مجرى حياتك، مجرى علاقاتك مع البشر، و تترك مخالبه على جسدك و روحك آثار حرب انت وهو طرفيْها، ولكنه وللأسف المنتصر-أغلبية الوقت-، يتسلل إلى أعماقك دون إكتراث منك، إلى أن تصبح كل بقعة فيك ملطخة به، تختفى لمعة عينيك التى طالما وُصفت بها، تُدفن البهجة داخلك، وتهب عاصفته المحملة رياحها باليأس والشقاء على حديقة روحك الموردة، لتمحو آثار الحياة و الأمل فيها، و تحولها إلى صحراء جرداء ذبلت كل زهورها، و أنت من سيموت عطشاً في تلك الصحراء. ولكنه لا يكتفى بهذا القدر من الخراب، بل وأيضا يصل الى قلبك ليحوله إلى بقايا رماد أحرقك لظاه، تنظر إلى نفسك فى المرآة و لا تعرفها، تبدلت هيئتك المعهودة، أيعقل أنك لم تعد تعرف نفسك أو تميزها؟ أنت و أخيرا أدركت وجوده وتيقنت من واقعيته، لمسته بأم يديك، رأيته فى هالاتك السوداء، فى التغير المفاجئ لوزنك، فى سيول عينيك، اللتان لا تتوقفان عن ذرف الدموع، فى عدم إقبالك على أى شيء كنت تهواه بشدة لا توصف، بل عدم إقبالك على الحياة ذاتها، رأيته فى تساقط شعرك تماما مثل تساقط وريقات الشجيرات فى الخريف، ولكن الفرق أنك لا تدرى ما إذا سيحل عليك ربيع ليصلح ما حدث من فساد وعبث داخلك جعلك تتلاشى شيئاً فشيئاً أم لا. أحقاً لازلت تجهل من المسؤول عن كل هذا؟ إنه الحزن، مصحوب بعائلته الصغيرة معه من اليأس، وجلد الذات، و الشرود الدائم، والتعاسة، و الهواجس الليلية اللانهائية، و عدم الإقبال على الحياة، و أعذرنى فى عدم ذكرى لأسماء جميع أفراد العائلة فهم كثيرون جداً، ما إن يحضر أحد منهم ولا يرى مقاومة منك فيُكَوِن الاخرون أعشاشهم سريعًا قبل أن تلاحظ التغير الجذرى الذى أصابك. من الطبيعى جداً و المقبول أن نفشل و نتعثر و نفقد، ونضحى بأغلى ما نملك، و نتألم، و نُخذل و نُطعن من الأقربين ونحارب ونهزم فى أغلب هذه الحروب، ولكن ما ليس مقبولاً هو أن نستسلم ونصبح ريشة تتقاذفها رياح المتاعب كيفما شاءت، فالحياة ليست عادلة ولن تكون كذلك، وما من عادل إلا خالقها، هى أشبه بالإختبار، محدود الإختيارات، وعواقبه لك أنت وحدك فأنت صاحب القرار الأول و الأخير ،إذا تجلدت و أحسنت الإختيار فهنيئا لك النجاح، وإذا استسلمت، فئنيها لك ما ستحياه من تعاسة أبدية طوال فترة إقامتك المؤقتة، المحدودة، و المحسوبة فى هذا العالم.