تلحفت الفضاء


دقات الساعة تتسارع وتسابقها أنفاسى إلى الوصول لخط النهاية ولكن لا تعرف أنفاسى التي 

تطالب بحريتها خارج ضلوعي أنها في سباق محتوم الأجل، و كيف عانت وعانيت معها لكي 

تفر من هذا الجسد الذي يبذل كل ما في وسعه لكي يواريها عن هذا العالم فقط لتنطلق متهافتة 

لنهايتها، صارت عروق يدي تتشنج في محاولة لمنع أنفاسى من الذهاب بنفسها لهذا المصير 

الكريه وصرت أتوسل لها بكل ما في من قوة أن تتوقف ولكنها ظلت تتغذي على هذا 

الضعف والتوسل لكي تصل لغايتها غير مكترثة بما تتركه من أضرار ثانوية أو هكذا كانت 

تراها، 

ظللت في هذا الصراع حتي فتحت عيناي ونظرت حولي مستنجدة أن ينظر إليَّ شخص ما و 

يرى كيف قد أنهكتني المقاومة ويسمع النزاع المتواصل بيني وبين نفسي ولكن كانت 

ضواحي المدينة ساكنة هادئة من شرفتي ولم يوجد أحد بجانبي للاستغاثة،

لطالما أحببت صوت الموسيقة وهي منبعثة من خلف جدران غرفة أخرى وتصل لأذني 

مكتومة كأن بشاعة الكون تحاول أن تقتلها و مع ذلك فأنها تجد طريقها دائما لإطرابي وقت ما 

أحتاجها، في تلك اللحظة أدركت أن الوقت قد تسارع وانهزمت أنفاسي فكفيت عن محاولاتها،

استرقت النظر من حافة الشرفة لأري مصدر الأغاني التي استطاعت تهدئة نفسى وبعث 

القليل من السكون في قلبى فرأيت أنوارا منبعثة من حديقة مبني مجاور حيث يجلس زوجان 

فى أواخر العمر يستمعان للراديو الصغير الخاص بهم وتعتلي وجوههم ابتسامة طفيفة تدل علي راحة البال والسرور اللذان ظللت طوال حياتي حتي تلك اللحظة اتمنى الحصول عليهما ولم أوفق.

انتقلت بنظري إلى الأعلي وتمعنت النظر في نجوم لمعتها متوارية وكأنها لا تقدر على سواد الليل ويواسيها البدر بضيِّه و يواسيني، اغمضت عيني وأنا أتوسل أن يطغى على حياتي سكون الفضاء وسرور الزوجان ثم تلحفت الفضاء و تخلت دقات قلبي عني لأصبح جمادا روحه ذاهبة للفضاء بلا رجعة.