مجرد ثلاث سنوات


فتحت عيني على نفس المشهد مجدداً،  صباح كأي صباح -بداية اليوم تشبه بداية أمس و غالباً بداية الغد-. بمجرد أتصال هاتفي بالنت سمعت النغمة المألوفة -التي تلفت أنتباهي لوصول رسالة جديدة- تتكرر عدة مرات. نظرت نظرة سريعة -او كان هذا ما تمنيت- حتى لفت أنتباهي رقم هاتف محدد وسط العديد من الأرقام، لم تأتي أي رسائل منه منذ سنوات -ولا حتى رسالة وداع بسيطة او حزينة- فقرر فجأة ترك العالم خلفه، كان دائماً يقول أني مختلفة و مميزة؛ لكن عند أخذه لهذا القرار لم أفرق عن أي شخص أخر و في غفلة من الزمن تحولت من محطته اليومية التي تدعمه و تسمعه لمجرد فتاة تسمع الناس يتداولوا الشائعات عنه، و لم أجد أي مبرر لأن لا أصدقهم فأصبحت غريبة عنه. مثل ما غاب مثل ما عاد، رسالة نصية لا تحتوي على أي شئ-لا توجد كلمة واحدة تتعلق بالشوق أو الحنين-مجرد نكتة سخيفة مثل أخر شئ أرسله لي من ثلاث سنوات- لم تكن بيدي حيلة إلا أن أبتسم و أفتح الرسالة و أرد كأننا مازلنا صديقان في ثانوي يتبدلان النكت، كأن شيئاً لم يتغير، كأن ثلاث سنوات لم يكونوا إلا بضع ساعات، و ستمر لحظات و سأذهب للمدرسة و أراه في الطابور. أعلم رغم كل هذا الوقت أنه لم يتغير، أعلم أني مازلت أحد محطات دنياه المفروض عليه زيرتها حتى لو بنكته كل بضع سنوات. لم تمر لحظات حتى ملأ صوت فيروز منزلي قألاً "مَرَق الصيف بْمَوَاعيدو
والهوى لَمْلَمْ عَنَاقِيدو
وما عرفنا خَبَرْ
عنّك يا قَمَرْ
ولا حدا لوّح لِنَا بإيدو
بتطلّ الليالي
وبتروح الليالي
وبعدك على بالي على"