من مذكرات كاتب #٣



٣٠ سبتمبر، ٢٠٢١

أخذني تحت شجرة في تلك الحديقة الصلعاء صاحبة الزهور المقتتفة حيثما لا يوجد أحد.

لماذا إن كنت لا تتقبلني كما أنا تطلب لقائي؟“ سألته بصوت عالي وغضب مهول. تعجب لما قلته وقال ”عفوًا؟ عما تتحدثين!

هل تظنني بلهاء؟ لم تتشارك معي القبل بالمطعم لأنك لا تريد أن يقال انك مغرم بفتاة مثلي! طالما أنا لست مشرفة ولا أليق بمقامك، لما بحق الجحيم تريد رؤيتيا؟!

كنت منهمرة في دموعي و بصوتي المختنق اقول له ”وبالمناسبة جسدي يرتجف بردًا حتى التجمد في معطفك هذا، فكيف له أن يدفئني من الأساسا؟ نيتك أن تسترني وتخبئني من أنظارهم، ليس أن تحميني من الصقيع.“

فأخذني في حضنه فدفعته وقلت ”تقبلني بجحيمي او اتركني لمن يعانقني وانا احترق!

فقال ”ولكني اتقبلك و احبك بجحيمك! أنت الشخص الذي لا يتقبلك ليس أنا! لطالما شعرتي انك لست بكافية وثقتك بنفستك المنعدمة كليًا دوماً لاحظتها في خطواتك المليئة بالكِبر. وكم تخشين إظهار ما تكمنين من آراء وافكار وحتى من مشاعر خوفاً من النقد اللا متوقف. فبالفعل علمت هذا منذ يوم إبداءك عن رأيك بالكُتاب والشعراء، وأنهم يتاجرون بمشاعر الناس  واختتمتي كلامك بأنه ليس رأيك الشخصي بل رأي بعض العابرين في حياتك ليس إلا. وعلى العموم، لم أكن اخبئك من ناظري الناس لأنك مصدر احراج بالنسبة إلي، بل كنت اخبئك من تلك الأعين التي كانت تاكل جسدك حيًا وهم يحيطونك بخيالاتهم المسمومة وأفكارهم المروعة وأنت لست بمُبالية. وكوني لم اتشارك معك القبل لم يكن لأنك دون مستواي كما تقولين، لكني قرأت تلك الشفاة الغارقة بالكحل وتقول انك لا تريدين أن تتشاركي القبل، ليس إلا. ولست وغدًا لارغمك على شئ لا تريدينه حتى ان أردته أنا،  لكني آسف أنني لم اراعي تفكيرك الزائد وتحليلك الخطأ للأمور.“

نظرت له و جلست على الأرض مستكملة بكائي حتى أفسد الطين فستاني الباذنجاني ولطخ الكحل وجهي وقلت له انني احبه كثيراً بحجم ما كرهت ذاتي فأخذني في احضانه وقضينا الليل كله... حتى الشروق... في الحديقة الصلعاء... تحت الشجرة البلهاء... نبكي سويًا...